تمكن الأكل الآسيوي من الحصول على شعبية واسعة في جميع أنحاء العالم، ويعود الفضل في ذلك لاحتوائه على نكهات وأطعمة متنوعة لا نجدها في باقي مطابخ العالم الأخرى، بدءً من الطعم المالح والحلو انتهاءً بجمعهما سويةً في نفس الطبق.
من أشهر الوجبات الآسيوية التي احتلت العالم الإندومي، التي يمكن اعتبارها الطبق المُفضل لكثير من الأشخاص أولهم الأطفال، تلقت هذه الوجبة الكثير الكثير من الإتهامات بشأن التسبب بحصول الأمراض، وخاصة من الأمهات التي تعتبرها عدوتها اللدود.
كيف وصلت إلينا، وكيف أخذت هذه الشهرة الكبيرة، وهل هذه الإتهامات صحيحة أم خاطئة؟
أصل الإندومي
الإندومي، هي أشهر شعيرية سريعة التحضير أو كما تسمى نودلز في العالم اليوم، وتعتبر شركة “إندوفود سوكسيس ماكمور” الإندونيسية، هي الشركة الأم والأصلية المصنعة لها ومن هنا جاءت التسمية حيث “إندو” مأخوذة من إندونيسيا و “مي” مأخوذة من كلمة الشعرية بالإندونيسية.
بدأ إنتاج هذا النوع من الشعرية سريعة التحضير لأول مرة في إندونيسيا منذ 1969، وقد بدأت أولا بنكهة مرقة الدجاج ولم يكن يتوقع أحد أن تنتشر بعدها بهذه الصورة الرهيبة في جميع أنحاء البلاد والبلاد المجاورة فحسب، بل دخلت الدول البعيدة مثل بلداننا العربية، حيث ساهمت سرعة تحضيرها وسهولته في اعتماد الملايين عليها كغذاء سهل التحضير وسريع، لدرجة أنه لم يأت عام 1982 إلا وقد بدأ طرح نكهات أخرى غير مرقة الدجاج لتناسب التنوع والأذواق أكثر.
مكونات الإندومي
يحوي الإندومي على:
1. المـلـح الصيني أو مـا يُعرف غلـوتـاميت أحـادي الصوديوم.
2. القليل من الفيتامينات والبروتينات والمعادن.
3. غنيّـة بـ الكربوهيدرات والسعرات الحرارية والدهون.
شائعات لاحقت الإندومي
زادت شهرة الإندومي بشكل كبير، مما انعكس إيجابا على اندونيسيا واقتصادها، ولكن سرعان ما ظهر العديد من المنافسين ومنهم بعض المتضررين من هذه الشهرة الواسعة، مما يفسر ظهور العديد من الشائعات التي بدأت تلاحق الإندومي لتخويف الناس منها مستغلين جهل بعض الناس ببعض المصطلحات والأسماء التي تتكون منها الإندومي، مما أدى لنفور الناس منها بسبب قصص الرعب التي بدأت الناس تتداولها.
أشهر الشائعات التي طالت الإندومي
1. إشاعات تكونها من عظام حيوانات بدلا من عجين الشعيرية الأصلي
راجت هذه الإشاعة كثيراً وبدأت تظهر فيديوهات كثيرة مفبركة حول هذا الموضوع، وانتشرت في جميع أنحاء العالم، ولكن دافعت شركة الإندومي عن نفسها مشيرة إلى أنه لا يمكن أن يمر أي شيء على جميع هيئات الغذاء في العالم وفي كل البلدان كهذا؛ ولو تم اكتشافه ولو مرة واحدة كفيل بإغلاق شركة الإندومي إلى الأبد وتغريمها أموالا دولية طائلة.
وبذلك نجد أنه لم يعترض أحد على منتجات الإندومي في العالم حتى اليوم، في كل بقاع العالم من أستراليا وأسيا إلى الأمريكتين مرورا بأفريقيا وأوروبا.
2. إشاعات حول الأضرار الرهيبة لملح غلوتامات أحادي الصوديوم MSG:
كانت هذه الإشاعة ذات تأثير كبير على الناس باعتبار القاتل الصامت أو المدمر لخلايا المخ ونمو الأطفال وذكائهم ومدمر للذاكرة.
أما عن ماهية هذه المادة فهذه لمحة سريعة، فهي عبارة عن ملح مكون من الصوديوم الغلوتامات مشتقة من حمض الجلوتاميك أحد الأحماض الأمينية المكونة للبروتين، وعليه فإن مادة الجلوتامات توجد بصفة طبيعية في اللحوم والدواجن والأسماك والألبان وحليب الأم وغيرها من الأغذية.
تعرف هذه المادة أيضاً بمسميات أخرى مثل: (أكسنت – فيتزين – أجينوموتو)، وتستخدم هذه المادة منذ القدم في المطبخ الآسيوي كمعزز للنكهة وكانت تستخدم على هيئة مستخلص أعشاب بحرية.
وبالرغم من ارتباط استخدامها بالأكلات الآسيوية، إلا أنها الآن تستخدم على نطاق واسع في الكثير من الأطعمة وفي وجبات المطاعم السريعة في معظم دول العالم.
ولكن وجد من خلال الحالات المرضية التي ترصدها بعض الجهات الصحية في بعض البلدان أنها يمكن أن تسبب لبعض الأشخاص بعض الأعراض، التي تعرف عادة بمتلازمة المطاعم الصينية مثل:
· الصداع
· احمرار الوجه
· التعرق
· الإحساس بالشد في منطقة الوجه
· تنميل وحرقة في الفم
· زيادة نبض القلب
·ألم في الصدر
· ضيق تنفس
· غثيان
الأمر الذي أدى إلى إجراء الكثير من الدراسات التي تهدف إلى تقييم سلامة هذه المادة ومدى مأمونية استخدامها. وبعد التقييم من قبل الجهات الرقابية والهيئات الدولية المعنية بسلامة الغذاء مادة جلوتامات الصوديوم الأحادية مادة مضافة مأمونة إلى الحد الذي لا ترى معه العديد من هذه الجهات ضرورة وضع حدود للكمية التي تستهلك منها.
ففي أمريكا أدرجت هذه المادة منذ عام 1959م ضمن قائمة “المواد المصنفة على أنها مأمونة عموماً”.
توضح الدراسات التي مولتها هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في عام 1995م، أنه لم يتضح علاقة هذه المادة ببعض الأمراض التي يشاع أنها تسببها مثل الزهايمر وبعض الأمراض العصبية الأخرى.
أما المادة في كمياتها المحدودة القليلة، هي في ظل المسموح به وموجودة في الكثير من الأطعمة بالفعل، وأن بعض الأعراض التي قد تصيب أشخاص معينين هي بسبب حساسيته من تلك المادة وليس لشيء فيها نفسها.
الإشاعات بالنسبة لضعف مكونات الإندومي الغذائية
حاولت الشركة تعويض ذلك مؤخرا بإضافة بعض أجزاء الخضروات إلى الوجبة، ولكن يبقى حقيقة أن الإندومي هي أقرب للمعكرونة في تكوينها الكربوهيدراتي الأساسي، والذي غالبا ما تتسبب نشوياتها في الإصابة بالسِمنة مع الوقت ومع مداومة تناوله وكأنه (وجبة) كافية في المرة الواحدة، وهو ما تفعله الكثير من الأمهات للأسف مع أطفالهن لسهولة وسرعة التحضير مع رخص الثمن وكذلك الكثير من الطلبة والعزاب
لذلك للتخلص من الأثر السلبي من تناول الإندومي وخصوصا كـ وجبة يفضل تقديمه مع مكملات غذائية أخرى هامة، مثل بعض الخضروات كـ البازلاء والجزر والبصل أو البطاطس أو بعض اللحوم أو الدجاج.
بعض التأثيرات الجانبية للإندومي
ممكن أن تحدث هذه الأعراض عند الزيادة الكبيرة في معدل تناول الإندومي:
· زيـادة تناولها يؤدي إلى زيادة الملح الذي بدوره يؤدي لزيادة الصوديوم فتظهر الوذمات.
· تؤثرعلى الكـلـى والقـلـب.
· يتضخم الكبد والغدد اللمفاوية.
· تسبب السكتات الدماغية وسرطان المعدة.
· أمـا لدى الأطفـال تسبب مشـاكل عـديـدة على المدى البعيد (قلبيـة، كبديـة، دمـاغيـة).
· كما تؤدي إلى ارتفـاع الضـغـط عمومـاً و عند الأم الحـامـل أيضـاً.
بعض النصائح للاستفادة من الإندومي
· يُفضل عدم استخدام كامل المرفقات مع الإندومي من نكهات وصلصة ونحوه، وإنما يمكن استخدام كمية قليلة منها لا تزيد عن النصف تقريبا.
· من المرجو في مجال الأغذية والأشربة التجارية المحفوظة: عدم الإكثار منها ولا اعتبارها غذاء أساسي أو يومي أو نداوم عليه، وإنما يمكن جعله حسب الحاجة أو كل فترة أو كلما اشتهته النفس.
وفي النهاية يمكن أن نطمئن الناس يبقى الكشف الدوري عالميا ومحليا كل فترة هو عامل الأمان والضبط من العينات الذي يمكن الاطمئنان له والاعتماد عليه وخصوصا مع الانتشار الواسع جدا للإندومي لرخص سعره.